jeudi 8 novembre 2012

عبّر قبل ما السلطة عليك تتجبّر

هل في إمكان أحدكم أن يخبرني ما الذي تغير في هذا الوطن ، و لن أتحدث هنا على الصعيدين الإجتماعي و السياسي لأن الحديث سيطول كثيرا ،  في هذين المجالين بالذات حققنا تراجعا و لم نتمكّن حتى من المحافظة على الحد الأدنى من الكرامة و الأخلاقيّات . ما أريد التطرّق إليه اليوم يتعلّق بحرّية التعبير ، المكسب الوحيد  الذي كنّا نظن أننا نجحنا في تحقيقه ، و لكننا حقا واهمون ، لأن ما حققناه بعد الثورة لا يتعدّى كوننا فتحنا المجال الإعلامي الذي كان في السابق حكرا على جهات معينة و هذا لا يعني أننا حررنا الإعلام بدليل ما حصل في عديد المؤسسات منها در الصباح و جريدة التونسية و غيرها . و رغم كل هذه المنغّصات ربما نكون قد حققنا و لو جزءا يسيرا من طموحنا و هنا يكمن الفخ لأنهم يهمشون طاقتنا في مثل هذه الصراعات و يتوجهون هم للغنيمة الأكبر ألى و هي التعبير . التعبير أهم من الحرية و أهم من الإعلام  ، التعبير هو انعكاس للإنسان و انعكاس للحرّية و فتح الأفاق أمام الإعلام و العمل الصحفي لا يعني أننا صرنا قادرين على التعبير دون مضايقات و التطرق غلى كل المواضيع و بمختلف الأساليب . هنا نكتشف أننا لم نتقدم قيد أنملة و الأدلة كثيرة ، نبدؤها بأيوب المسعودي و قضيت النيل من هيبة المؤسسة العسكريّة و تختمها بالقضية الأخيرة التي رفعتها نقابات الأمن على توفيق بن بريك و الأمثلة بينهما كثيرة منها قضية سامي الفهري و إستدعاء الفنانين للتحقيق إثر أحداث العبدلّية إلى غير ذلك ...
و لكن ما يهم في هذا السياق و ما يقلق حقا ليس هذا السعي الحثيث من السلطة من أجل كبت حرية التعبير ( أنا افض هذا التركيب لأن من يعبر هو إنسان حر حتى ولو كان بين القضبان ) فهذا أمر طبيعي أي سلطة في العالم مهما كانت تعتبر نفسها ديمقراطية ستبحث دائما عن طريقة لتكبيل هذه الطاقة و احتكار هذا الحق المتأصل في الإنسان  و لكن ما يقلق هو تخاذل التونسيين و عزوفهم عن حماية حقهم في أن يكون لهم المساحة لإبداء آرائهم و التعبير عن أنفسهم و همومهم فالقضية لا تهم فقط توفيق بن بريك  أو أيوب المسعودي  أو غيرهم من فنانين و صحفيين و ناشطين في المجتمع المدني ، القضية اليوم  قضيّة شعب ، فشعب لا يعبر شعب ميت ، و الإنسان تسقط عنه صفة الإنسانيّة ما إن تخلى عن حقه في أن يعبّر و أن يكون له موقف يوصله بؤسلوبه الخاص .بالتالي على كل إنسان أن يثشبث بهذا الحق لأنه سينعدم ما إن تخلى عنه و عله أن يطور أسلوبه أن يبتدع لمسته السحريّة الخاصة و للتعبير صنوف كثيرة ، الكتابة ، الموسيقى ، السنما ، الرسم عالى الجدران ، رفع شعار في المضاهرة ، بعض الجمل الساخرة على الفايسبوك ، طريقة لبسك ، طرقة أكلك ، أسلوبك الساخر في  فالكلام و صياغة النكات ، المهم أنها  كلمت حق يقولها الإنسان  في وجه  السلطة التي تريد تغييبه
فلا تتركوا لهم الفرصة حتى يحتلون أدمغتكم و يعطلون قدرتكم عن الحلم و التعبير و يحولونكم شيء فشيء إلى مجرّد آلات او ربّما قطيع من الأغنام يتناوبون على قيادتها إلى الهاوية لتسقط عنكم صفة الإنسانيّة .
مع تحيّات صفوان الطرابلسي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire