samedi 24 novembre 2012

في بيتنا مخبر

لا أذكر الشخص العظيم الذي قال ذات يوم " الأدباء يختلقون الأكاذيب لإنارة الحقيقة أمّا السياسيّون فيكذبون لطمسها ". ليتهم يكتفون بهذا القدر من الابتذال و لكنّهم حتى و إن كشف أمرهم لا يسلّمون و إلى القمع ينتقلون ، يطلقون كلابهم في الشوارع و يبدأ الرّصاص في عزف سيمفونية الموت المرعبة. لكن رغم كل هذه الوحشيّة ليس هذا أسوء ما في القضيّة ، فهناك ما هو أكثر إيلاما ، إنّه ذلك الانتهاك النّاعم ، ذلك الشّعور الرّهيب بعدم الآمان ذلك الشعور الدّائم بأنك تحت المجهر و أنّك مراقب في كل مكان. و لأداء هذه المهمّة لن يرسلوا لك جحافل البوليس بل سيرسلون أكثر أدواتهم قذارة و انحطاطا.
إنّهم المخبرون يا صديقي ، تلك الكائنات التي تعشق السير في الظّلام و العمل خلف السّتار ، تلك الكائنات التي تعمل دائما في ضّل السلطان . المخبرون يا صديقي أسفل الكائنات في هرم الابتذال ، هم لا يملكون دهاء السّياسيّين حتّى يساعدهم على احتراف الكذب و ليس لديهم الشجاعة لتصويب فوّهة مسدّسهم إلى رأسك كما يفعل البوليس ، هم يكتفون دائما بقراءة نصف الآية و إنارة نصف الحقيقة ، و أنصاف الحقائق كما تعرف أخطر من الكذب أنصاف الحقائق فتن و الفتنة أشدّ من القتل.
لذلك يا صديقي كن حذرا قدر المستطاع ، فكّر جيّدا قبل كل حركة ، حاول أن تضع شفرة لكلماتك حتّى يفهمك الأصدقاء و يتوه عن معانيك الأعداء أو من المستحسن توقّف عن الكلام أصلا ، لأنك ستجدهم يرصدونك في كل زمان و مكان. ستراهم في المدرسة و الجامعة ، في المترو و الحافلة ، في المبغى ، في الحانة ، في العمل و حتّى في لقاءات الحب العابرة سترى عيونهم عليك ساهرة و لن تجد عناء في اكتشافهم ، ستراهم في المقهى يجلسون في أكثر الزّوايا انعزالا و في الشوارع الموحلة آخر المساء سيمرّون إلى جانبك و يبادلونك التحيّة في جفاء . حتّى حين تدخل البيت إيّاك أن تشعر بالأمان و تذكّر أنهم في كل مكان ، خلف الستار ، خلف سمّاعة الهاتف و تحت صنبور المياه ، داخل علبة الرّسائل ، في حقبة أوراقك و في صندوق سيّارتك و حتّى في غرفة نومك حين تمارس الحب مع عشيقتك أو زوجتك تذكر أنهم تحت سريرك ينصتون لتأوهاتها و حشرجاتك ، لذلك إيّاك أن تشعر يوما بالأمان فخلف كل باب من أبوابك يوجد مخبر و آلة تنصّت.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire