الخامسة صباحا . كل
يوم على هذا المنوال . أصلّي صلاة الصبح أرتدي شبه الملابس التي أملكها و أنزل إلى
محطّة الحافلة لأبدأ صراع الحياة . كل يوم على هذا المنوال . أركب الحافلة بعد
عناء مرير . شجار و سب و ركل و شتم هكذا يبدأ صباحنا . أتوصّل أخيرا إلى ركوب الحافلة
أو شبه الحافلة . أخدع مراقب التذاكر بتذكرة قديمة أو ربما أدرك عدم قدرتي على
اقتناء تذكرة فتعمّد الانخداع . أنظر إلى وجوه النّاس من حولي أحاول حلّ لغز
الأعين . نظراتهم جمل مبهمة لا معنا لها. الشيء الوحيد الذي يمكنك أن تلاحظه في
هيأتهم هو البؤس عيون لم تنم منذ دهور و زنود لم تضق طعم الراحة منذ زمن . هذا هو
القاسم المشترك بيننا . نحن سكاّن الأحياء الشعبية نجتمع كل صباح في هذه العربة
البائسة نتزاحم نتشاتم و نتقاسم بؤسنا . أنا عامل النظافة , العم حمّادي البائع
المتجوّل , خالد أستاذ عربية يدرس بمعهد خاص , و آخرون كثيرين قد تختلف أسماؤنا,
مهننا لكن هدفنا هدف واحد , قضيتنا واحدة , حلمنا واحد , لقمة عيش كريمة . اللعنة
على هذا الزّمن المتعفّن , مالذي تبقّى لنا من الدنيا بعد أن صارت لقمة العيش
أمنية نتمنّاها في ليلة القدر . أنظر إلى السماء من نافذة الحافلة الشمس أطلت و لم
تأتي بأي جديد . الخطايا تثقلنا و الله لا يرضى عنّا و لن يرضى عنّا ما دمنا
قد بعنا شرفنا لمن يدفع أكثر . قالوا لنا لا تنتخبوا فلان انه كافر و لكننا وقعنا
بين يدي أبو الكفّار . الفقر أبو الكفّار , الجوع أبو الكفّار, الجهل, الذل, من
يسرق القمة من أفواه أولادنا هو الكافر . من يخوّننا لأننا نطالب بحقوقنا هو
الكافر من باع ثورتنا, قضيّتنا, و قتل باسم الديّمقراطية آخر نفس للحياة داخلنا هو
الكافر . أنا لا أعرف الدّيمقراطية و من أين جاؤوا بها أنا مجرّد عامل نظافة
بالكاد أقرء و أكتب و همّي الوحيد هو لقمة العيش و هي مبرر الحياة الوحيد بالنسبة
لي لذلك كتبت البارحة على جدار مخزن البلديّة رسالة صغيرة إلى فرسان البوادي ,
أبطال العالم في الرّكوب على الثورة ضهر الزّوالى ليس للرّكوب , تملؤه المسامير
تلك التي زرعها السفّاح يوما و ها أنتم اليوم تسننونها لذلك حاذروا من
التجربة لأنكم بعدها لن تتمكّنوا من الجلوس
على الكراسي ثانية بمؤخّراتكم المثقوبة
صفوان الطرابلسي
ضد السلطة 2012/03/09
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire