عادل التليلي، في عمرو واحد و ثلاثين سنة. مشهور في
الحومة بٱسم التِّيڤانا، الملّاسين الكل تعرفو، مـ النجاح لأولاد عيّار. كحلوش،
مترفس، في رقبتو ضربة قديمة هابطة علاها لحية خفيفة، ذراعاتو عراض، بوكسار قديم.
عمل كرش من نهارت إللي خرج مـ الحبس. روّح في أول ألفين و عشرة، عدّى سبعة سنين،
التّهمة ترويج، مخدرات صنف "ب"، زطلة.
عكس برشة ناس لزهم الدّهر، التِّيڤانا ما كانش محتاج
حتّى يطيح للدنك. أمّو تعيّطلو العضمة
الحارمة بعد اللي خوه الكبير مهندس و خوه الصّغير عامل ماستير بروفيسيونال في
الإعلامية المطبقة على التصرّف و هاو السنا بعد ثلاثة سنين تشحتيف دبّر كونترا في
الخليج.
وحدو التِّيڤانا ما فلح في شي، القراية كرهها مـ الصغرة
و بطّلها، الصنعة ما طاقهاش و فد مـ الحصرة، متفرّغ بدوام كامل للهملة.
حتّى في السپور، تغرم بالبوكس، مش على خاطر يحب يولّي بطل أولمبي كي محمد علي
كلاي، أما باش ما يحلّب عليه حد في حومتو. إدرّب عند واحد من أعز أونترونرات
البوكس في تونس، عمّك خميّس الرّفاعي و ما ندراك، ولد حومتو، هزّو للصّالة، عمّل
يخرّج منّو الڤرينتا و يردو شومبيون، أما التِّيڤانا النّافع ربّي مخّو فيه حاجة
وحدة: الهملة.
كبر في العمر و كبرت معاه مشاكلو، الهملة لازمها فلوس و
الفلوس لازمها خدمة و الخدمة ما يهضمهاش و ما عندوش في يدّو صنعة. على هذاكا ختار
حاجة على قياسو، دورها لحام. مش لحام صحّي !
يلحم في الزّطلة، خدمة تتوفر فاها الحاجتين إلّي يحبهم، الفلوس و الهملة الدّايمة.
بدى الكريار بكري، تسعطاش سنا السيّد بكليوناتو، يصول و
يجول في زناقي الملّاسين، سلعتو نطيفة، يتدلل و ذارعو علّاف عمرو ما خانو. زيد
الطفل ناس ملاح، يحب خدمتو و أصحابو، يحب أولاد حومتو، خصوصا الزواولة. يجيب
سلعتو، يقسّمها مليح، يحسبها، يضرب أخماسو في أسداسو و يبدى يبيع، أول ما يجيب
طوالو و يخلّص روحو يبدى يوفّي، إللي عندو يتكيّف بزايد و إللي ما عندوش ميسالش
يتكيّف اليوم و يخلّص يا من عاش. عمل برشه حبيبات و عمل برشه خنن و دوانة و
عداوات.
و كيما أي واحد يخدم في ها الدّومان لازم يجي نهار و
يطيح، التِّيڤانا بدى بكري و طاح بكري، دخل للحبس. خرج عام ألفين و عشرة عمرو سبعة
و عشرين سنة، أحلى أيّامات عمرو عدّاهم في قلبو، وسخ و قمل و هم، عرف اللّاريا و
الشّمبري و السيلون و بيت الصّيودة. بال في حفرة البول، عانا مـ الكبرانه
الطّحّانة و الڤرديانات المنيكين.
خرج عبد آخر، لقى البلاد زادة في حالة أخرى، الحيوط ما
تبدلتش أما العباد و العيشة تبدلت ياسر. الغلى، الهم، البطالة، المرض، التعب،
الظلم، كل شيء زاد، الحاكم كثّر على ما وصّاووه، النّاس خلايقهم تسكرت. كان يتصوّر
روحو أتعس واحد آخي طلع الحال من بعضو، تونس الكلها حبس كبير.
الرّاجل تليّع صحيح، كبر و تعب و تمرمد، العام في الحبس
بعشرة، أما التِّيڤانا فيه حاجات ما تتبدّلش، بلادتو هي بيدها، التنبير و
التمقعير، قعداتو الحلوّة، رجوليتو، كسوحيّة راسو، مخوّ مازال صاحي ما غفّقش في
النّدى.
ستة شهر
من زمان، عاودو حلولو عينيه على الدّنيا، كينّو ما تربطش نهار، رجع يصول و يجول.
دبّر راس مال، شرى سلعة، كيسان و أصحنة بلّار و هبط نصب باهم في شارع روما، تحت
ليسي بيلوت، النموذجي. حلف بالحرام، "الحبس للرّجال صحيح أما الرّاجل ما
يخراش فيه زادة".
البارح
خطب سناء، جارتهم و صاحبتو من قبل ما يزور دار خالتو، هو كان يحبها، طفلة حشّامة و
بنت عايلة، أما ما تصوّرش إللي هي تحبو لها الدّرجة، ستنّاتو سبعة سنين. ما وعدها
بشي و استنّاتو، كانت ديما تبعثلو في الجوابات و اطيبلو الماكلة إلّي يحبها باش
يهزهالو خوه مع القفّة. ديما تطل على أمو و بوه، عمرها ما قطعتهم نهار، اتصبرهم و
يصبروها، ابيها كيكس ملّول شوي، مبعد سكت، العايلة دافين و ما عدنا ما نقولو فاهم
و التِّيڤانا ضايع صحيح أما راجل و النّاس الكل تشهدلو.
على هذاكا حلف
ما يفرّط فاها و كان تفنى الدنيا. ستوى روحو، في الثلاثة سنين خدم ألف خدمة. تاجر
بالبلاّر، خدم في المرمّة و الدّهينة، باع حتى ماكينات الحجامة الجوطابل في سوق
الملّاسين. تقطّع باش خذى الپرمي، يحلم باش يعمل ايسيزي و يكمل يبني الدّار بعد ما
تنازلولو خواتو على الهوى. صب الدّالة و مبعد وقّف كل شي. حال البلاد واقف، الثورة
و الغلى و الميزيريا، راس مالو كلاتو المرمّة و الزيادات.
التِّيڤانا عمرو ما يحير، لوج على حاجة يبيعها من غير
راس مال كبير. أهبط لوسط البلاد أتو تلقاه ناصب في مدخل شارع باريس، مقابل الپاساج،
محطّة المترو، تحت حيط الغالوري سات، نصبة حمرة صغيرة، يبيع في القلوب، مش القلوب
إلّي تتاكل ! قلوب الحب، برتكليات يكتب علاهم
أسامي الكوپلوات: إيصوّر علاهم قلب أحمر تحتو كلمة لوف، حب بالإنڤليز.
الصباح يفك بلاصة لنصبتو، ما بين زرڤة بيّاع
البورطابلوات الشنوه و حمّادي بيّاع شقاشق البنات. لعشيّة يروّح مع المغرب، كان
شتاء يركش في قهوة سارّة كان صيف يعمّر صاحبو حسين باش ينحّي الكرهبة متاع بوه و
يهبطو للمرسى، ينصبو على الكرنيش، خدمة و تفرهيدة.
النصّابة صحابو في وسط البلاد يعيطولو العزّام، يكتب حجابات الحب.
كي يرى كوپل متعدّي عينيه تلمع و ريڤتو تسيل: "إيجاو نكتبلكم، حجيّب من عند
التِّيڤانا يربطكم العمر الكل، الحب مش عيب يا مسيو، الحب مش عيب يا دوموازيل".
خدمة بسيطة، أما عامل علاها جو، على الأقل مش مخليتو يمد يدّو و إلاّ يرجع
للخنن.
حاجة وحدة منغصة عليه، معيفتو في حياتو، هي البلدية و
الحاكم، نهار نهارين و هوما صادمين علاهم، تلقاه هازز النصبة يجري باها في
الزّناقي، مهبول. مسيبين مجرمة البلاد الكل و شادين في الزّواولة إلّي تلقّت في
الخبزة مـ التروتوارات. لتو ما فهم الشعب هذا علاش عمل ثورة. كـ خرج مـ الحبس و
سمع الناس تعيّط بن علي ديڤاج تمهمش، تصدم، أول مرّة حس روحو يحب البلاد هذي: "الشعب ڤارح، عندو النيف. غدوة المحتحتين باش نولو لاباس
و الملّاسين تولي لاس فيغاس".
النّافع ربّي، شيء ما يتبدل، لتو في هاك السّردوك نريشو،
دخل للحبس خلّى البوليس يحاوز في النصّابة، خرج بعد سبعة سنين و ثورة يلقاه مزال
يحاوز فاهم و بٱسم الثورة يمرمد فاهم. ديما يسئلهم و يسئل روحو: "آخي الثّورة
علاش صارت؟ علاش شعلت البلاد هي؟ مش على خاطر فادية حمدي ضربت البوعزيزي بكف كـ ما
خلّهاش تفكلو النّصبة و سبها. طلعتلو لراسو شعل روحو و شعّل البلاد و العالم معاه.
في الأيامات لولة متع الثورة النّاس الكل تحلف بسمو، في الشوارع و التفزة، توّا
تنسى، كيما تنسى الزوالي و المضروب و الشهيد".
رجع التِّيڤانا يكالي في نصبتو. مڤطّع مـ الحاكم و
البلديّة. ديما ماخذ حذرو. يبيع و يسڤّص ما تعرش منين يطلعوا كـ الجنون. ما يفرتش
السّلعة الكل. الباش إلّي فارشو نص لفّة باش كان هدّو يلكمتو في رمشة عين و يحط
شلاكتو تحت ضبّوطو و يقول فاها حت، إلّي عندو ساڤين يخلط: "يلعن بو الوقت
الكلب و برّى، كان مش الخبزة المرّة، كان مش المرّمة الحالة فمها، كان مش لعزوزة و
الشايب كبرو، كان مش سناء تستنى و إبّيها شاد ڤول. راو نهار حلّيت فاهم فتريّة".
عملة تقعد تاريخ، كـ البوعزيزي، أما التِّيڤانا ما يحرڤش
روحو، يحرڤهم هوما و يسيبهم يتشوشطو في وسط الكيّاس، عبرة، البلاد الكل تشهد
علاهم.
يعدّيها بضحكة و
تنبيرة، تي نهار صحافي يعمل في روپورتاج ع النصّابة، الإنتصاب الفوضوي، تعدّى عليه
و سئلو على مشاكلو. ضحك التِّيڤانا: "يا معلم، كان يبعدنا الحاكم تو أمورنا
تولّي لاباس، توّا صحابي مـ اللزز ناصبين بسلعة شنوة مكنترة، نڤولوا يضرّوا في
الإقتصاد. أما أنا شمدخّلني، قاعد نبيع في الحب. وإلا شنيّة حتّى الحب باش ندفعو
عليه التّاكس؟".
صفوان الطرابلسي