mardi 1 janvier 2013

المشانق تنصب أيضا للأقلام



إنتبه! إذا كنت عربيا فحاذر من "الرقيب"، إرفع من 
صورك الكاركاتورية أو من مقالاتك أو من شعرك كل ما يمسّ الرئيس أو جحافل السلطة و أذنابها!
و إن كنت مُصرًّا على كلّ ما يحمله عملك الفنّي من إلتزام بقضايا الأمّة، عانق أفراد عائلتك و أكتب وصيتك و انتظر البوليس صباحاً قرب الباب !!
" جسّ الطبيب خافقي وقال لي: هل هنا الألم ؟؟
قلت له: نعم
فشقّ بالمشرط جيب معطفي واخرج القلم !!
هز الطبيب رأسه.. ومال وأبتسم
وقال لي: ليس سوى قلم
فقلت: لا يا سيدي
هذا يد.. وفم
ورصاصة.. ودم
وتهمة سافرة.. تمشي بلا قدم ! "
"الرقيب" يزعجه ما تصدح به حنجرة المغنّي و ما تنطق به ريشة الرسّام و ما يكتب الشاعر حين يفضحهم مدافعا عن الكادح المستضعف.. متحدّيا السلطة المستبدّة و الحكومة القمعيّة التّي تسعى أن تجعل منه (المبدع) مضخّم صوتٍ لها و خادما يحوّل الأنظار عن الداء بٱبتكار روجيستر التعتيم و الإيهام و التبندير.
و لأنّه لا يوجد ما هو أصدق من الفنّ للكشف عن أعماق النفس والإنخراط في الوعي بالقضية و المساهمة في ثورة الانسان، و لأنّ "للكلمة و الخط المرسوم وقع أقوى من طلقات الرصاص، يجد "الرقيب" نفسه مضطرا لصنع سيناريوهات من شأنها أن تفرض وصايةً على حريّة الفكر و الابداع.

يبدأ السيناريو رقم1 : استربتيز
يُختزل عمل سينمائي أو مسرحي في لقطة إباحية من خلال مانشيتات صحافة المجاري، فتنشر عناوين من قبل "فلانة تتعرّى" و "أثارت المشاهد المتدنية سخط المنسحبين من العرض، لما فيها من خدشٍ للحياء".. هكذا إذن يصبح العمل عرضا "للستريبتيز" حسب تلك الجرائد الصفراء بإشراف "الرقيب"، فننتقل من الحديث الفنّي إلى المنطق الأخلاقوي الشعبوي الذّي يجعل البعض حرّاسا على الأخلاق، ينصبّون أنفسهم مسؤولين عن القيم.

السيناريو رقم2: فتاوى تيك آوي
يلجأ الرقيب إلى شيوخ البيترودولار وتصبح "فتاوى" التكفير وإهدار الدم شبحا يلاحق الفن والإبداع.. فلتخريب تحت راية نصرة الدين هو الأسهل كما يكتسي هالة من الشرعيّة ، فكل ما يغلّف بمسحة دينيّة يجد الطريق معبدا إلي قلوب الجماهير.
" لماذا اغتلت فرج فودة ؟
القاتل : لأنه كافر.
ومن أيّ كتبه عرفت أنه كافر ؟
القاتل : أنا لم أقرأ كتبه.
كيف ؟
القاتل :أنا لا أقرأ ولا أكتب"
أمّا في تونس الثورة فالرقابة تمرّ عبر ديكتاتورية الذوق السليم و تجريم المسّ بالمقدسات الذّي اعتبرها مصطلحات غامضة لجريمة افتراضية وايديولوجية من عصر محاكم التفتيش، يُقصد بها ترهيب المبدعين ومنع النقد والفكر الحرّ والبحث والابداع.. الأمر الذّي يتطلب منّا جميعاً وقفة تاريخية للتصدّي لهم، فهم لا شكّ لديهم أجندة فنيّة وسوف يُنتجون أعمالا تُعبّر عن قناعاتهم الفكرية وسوف ينشؤون شركات إنتاج لديها فكر تريد له الانتشار كما هي جمعياتهم و رابطاتهم.
الفنّ وُجد ليبقى.. ليذهب دعاة الظلام إلى الجحيم و ليصرخ فيهم درويش:

"ماذا يثير الناس لو سرنا على ضوء النهار
و حملت عنك حقيبة اليد و المظلة
و أخذت ثغرك عند زاوية الجدار
و قطفت قبلة ؟"
سنقاوم ونقاوم ونقاوم لأجل الفنّ/الحياة.
رحمة البلدي 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire