jeudi 3 janvier 2013

سنتان من الثورة ... أما بعد


هجم الليل بانيابه كي يمزق دفء المساء بصقيعه الذي يمنحك رغبة في التلاشي بين حبيبات الندى كي لا ينالك البرد.
ليس ببعيد عن الشرفة الدافئة و العشاء الفاخر الذي اقيم على شرف امراء النضال و الثوريين و احتفالا بثورة عبرت في صمت بين سطور التاريخ و ازقة المدينة الحالمة بين كثبان الفسفاط الرمادية و الحجارة المستوردة التي حملتها سواعد من هم تحت مرت بصمت كي تزيد في بوؤس العاصمة وشوارعها الواسعة التي تشعرك بالضيق يقبع ذاك المجهول الذي هو ليس سوى نموذجا أو قالبا جاهزا يستعمل في الخطابات و الحملات الانتخابية .
رداء ملطخ بالغائط و على الاجناب تكسوه الاتربة أسنانه شاهدة على عدد السنوات التي تبقت من عمره شعر اشعت مغبر و هو قابع بسكون تحت عمود النارة العمومي الذي يتأرجح ضوؤه بفعل البرد (في الواقع هو مصاب بعطب كحال البلاد )  في ذاك الشارع الخلفي الذي ألف  قصص العشق المحرم المحنى بالدم و صرخات النشوة و قطرات المني التي توشم كل ليلة اسم فحل الأمسية و الشاهد على صمت الجوعى القاتل و جنون المتشردين و نباح رجال الشرطة (الشرفاء منهم و الفاسدين)و احاديث الكلاب السائبة و رقصات السكارى كي يعيد كل ليلة اعادة صياغة قصص أمجاد 'زوس' و جنون 'زوربا' و هدوء البحار السبع بين قبضتي سندباد بحري و رعشات قلم منتشي بين أنامل 'بوكوفسكي' تصف سكره او بغيا مرت امام شباك سرواله تداعب ستاره و ما وراء الستار احيانا.
يستل 'مجهولنا' سيجارة ينفث فيها اللعنات و يبصق على الأرض كانما به يطرح آلهة بكونين ارضا فيسقطها بعد أن عجز نظيره عن ذلك اليوم عيد الثورة الثاني كانما تغيرت حاله او حال امثاله بل بالعكس حاله صارت اسوء فحرب الحياة مع العبد اسهل منها مع العبد و صانع العبد و هيأة الدفاع عنه ..لهم عشاؤهم الفاخر لهم النزل الفخمة لهم المنتديات و الشراب الفاخر أما هو فله الغضب و مزيد الغضب عله يحوله يوما الى فعل في الأثناء من الأفضل أن يبحث له عن حجر يلهو به حتى 'يقتل الوقت' قبل أن يقتله عدم تقدم الوقت فهو على تلك الشاكلة منذ ...لا يهم منذ كم من الوقت ...و لا يهم ايضا كل الحديث السابق و لا الثورات (ان كانت ثمة ثورات اصلا) بالنسبة له هو المهم ان يجد حجرا يلهو به ...يواصل بحثه ثم يتراجع كأنه مل الفكرة او لعله فكر في اقتلاع احدى خصيتيه بينما كام يحكهما محاولا اغواء احدى المارات بارتذال يعتبره هو عفوية كما يعتبر ببساطة ان الثورات و الحديث عنها ليس سوى "لعب صغار" فالمشكل كل المشكل هو البوليس قبيح الشكل في بذلته الكريهة و بوقفته الشاذة بينما يلوك سيجارة بين شفتيه او يسوي قبعته ...المشكل هو ان رجل الامن شاذ ... وهو ليس وصفا فحسب بل هم فعلا شواذ او لعلهم لا يحتملون وجود فجوة الا و ملؤوها
لعله مرض لكن المجهول لا يفقه في الطب و لا علم النفس و لا الدين و لا الفلسفة و لا التاريخ و لا العلوم و لا الشعر و الادب هو صنيعة الارض المتجردة من كل العلوم صقلته الشوارع الخلفية و علمته كيف يقتلع لقمة العيش من فاه الاثرياء او حتى من جيوبهم و  متاعهم علمته ان الجنس يأتي قبل الأكل أحيانا و ان الكرامة تأتي قبل كل الأشياء و أن الانظمة هي ذاتها تتكون من ثلاث عصى بوليس محكمة فسجن هو نشاة الأحياء الشعبية القابعة في المناطق التي يعجز البعض عن تهجئة اسمها قادم من الارض المبسوطة الممدودة امتداد البصر هو تركيبة غير متجانسة من المكر و الحدة و العطف و الحب و الكره هو وعاء احتوى كل التناقضات لا يحتمل خطابات مسقطة من فاه محشو بالكافيار يحدثه عنه هو عن كيف يجب عليه ان يعيش محاولا تغيير نمط حياته حسب ما يشتهيه هذا الغبي المحوط بقطيع خرافه المرتلة المرددة لكلمات القائد الرفيق ..هو غير قادر على استيعاب كلمات أحمق اشبه بالشاة تتدلى لحيته بين خصيته يأمره و ينهيه كانه العالم العليم 'بيد ان كلامه اكثر واقعية (مادام متبوعا باسم الله) من كلام الرفيق ...
'آه يدهم كلها تحشي فيه'
كي يعود الصمت من جديد في الشارع ويتواصل الاحتفال بالثورة على الشرفة فوق راس المجهول ...بغي سكران و سلفي مروا تباعا أمام المجهول يتمتم ' اللي يفهم هذا الشعب ينيكني' ثم تحرك مطاردا البغي عله يظفر بمداعبة مجانية.

خلدون باجي عكاز
نشر في جريدة ضد السلطة 29/12/2012

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire