vendredi 28 décembre 2012

تغيّر الأحزاب و سياسة الإرهاب

" إذا اردت السيطرة على الناس ، أخبرهم أنهم معرضون للخطر و حذّرهم من أنّهم تحت التهديد ثم شكك في وطنيّة معارضيك "
ليس من الغريب أن تنسب هذه القولة لأدولف هتلر الزعيم النازي و ليس من الغريب أن تسير الدكتاتوريّات البائدة على هذا المنوال تحت رعاية الإمبرياليّة العالميّة مستغلّة ما توفّره هذه الأخيرة من امكانيّات هائلة في مجال الدمغجة الجماعيّة و البروبقندا السياسيّة . لتنتشر لنا الفزّاعات في كل زاوية و على رأسها صورة الإرهابي الإسلامي ذو اللحية الطويلة و العيون الحقودة ، حاملا سيفه الملطّخ بدماء الأبرياء .
 بقيت هذه الصّورة أكثر كوابيسنا رعبا إلى أن هلّت علينا الثورة بريحها و خرج النّاس إلى الشوارع واقفين جنبا إلى جنب رغم كل الخلافات . اكتشفنا بمحض الصدفة أن هذا الغول لا وجود له سوى في خيالاتنا المنوّمة أو هي بالأساس صورة مصطنعة يحركها النظام كلّما أحس  بالخطر حتى يضفي بعض الشرعيّة على القمع . المهم أنه مع سقوط بن علي تحرر الجميع و على رأسهم الإسلاميون و قد كانت الفترة الأولى ما قبل الانتخابات فرصة لنعيد اكتشافهم من جديد و نستنتج أنّهم أناس عاديون ، ليسوا شياطينا كما صورهم النظام و لا هم ملائكة رحمة كما يريد تصويرهم البعض الآخر . شاركوا في الإنتخابات كباقي القوى طبقا لقواعد اللعبة السياسية التونسيّة ، بكل ما فيها من قذارة خلّفتها الأزمنة الغابرة. استغلوا هامش الحرّية ، الإمكانيّات المادية المهولة ، ضعف المنظومة القانونيّة و جهل التونسيين "بالتكمبيسات" السياسيّة ليفوزوا بانتخابات شبه ديمقراطيّة .
 الى هذا الحد كان المنطق سيّد الأحداث و لم يكن فوزهم مفاجأة : تعاطف الناس ، العقد التي خلفها بن علي من خلال قمعهم و لعبهم على وتر الدين و الهويّة  بالإضافة إلى قدرتهم على التأقلم مع لعبة السياسية القذرة في ضل الدعم المالي الرهيب الذي حضوا به من عديد الدوائر الداخليّة و الخارجيّة التي راهنت عليهم  ، كل هذا مكنهم من الوصول إلى السلطة بسلاسة و دون منافسة تذكر خصوصا في ضل تشتت المنافسين من القوى اليساريّة و الديمقراطيّة بصفة عامة .
الآن مرّت أكثر من سنة على هذه الانتخابات لنجد أنفسنا مصدومين  بواقع لم يتغير منه شيء و للأسف لا نرى بوادر تغيير في الأفق . سياسة الرعب والتخوين  لازالت حجر الاساس في سياسة الحكّام الجدد . و بشكل مبتذل نجد أنفسنا أما نفس الصورة الكلاسيكيّة لخطر الإرهاب الإسلامي و لكن بعناوين جديدة وهي الخطر السلفي و رابطات حماية الثورة أو رابطات حماية النهضة في رواية أخرى . سياسة التخوين و التشويه للمنافسين مازالت متواصلة و تستهدف نفس الوجوه منذ زمن برقيبة و بن علي ، و تلصق إليهم نفس التهم ، إذا لا شيء جديد ليذكر . نعرج على السياسة التنموية و التنظيم الاقتصادي ، سنجدهم يسيرون على نفس المنوال بل ويتبجحون بتدشين مشاريع كان قد تم إقرارها و إنجازها منذ العهد البائد أما على المستوى الإداري و  طريقة التعامل مع أجهزة الدولة فهي نفسها  و هذا ما نرصده من خلال محاولات الهيمنة عليها مع تسجيل بعض الإرتباك نظرا لنقص الخبرة و الحرفيّة . بالتالي كل أهداف الثورة و كل مشاريع الإصلاح التي كان يطمح لها الشعب ركنت على الرّف تحت تعلّة صعوبة المرحلة الانتقالية و ابتداع المؤامرات الداخليّة منها و الخارجية حتى يبقى الحال على ما هو عليه و يتسنى للحكّام الجدد تثبيت أنفسه في الكرسي  .
يعني في الخلاصة ما قمنا به لا يتعدّى نزع" البيكيني" الأوروبي الذي كان يفضح عورة النظام السابق  المشوهة و سترها بجلباب افغاني أمركي الصنع و التصميم، قطري المساهمة و الترويج ، و في النهاية مالم يفعله التجمّع سيفعله غيره تتعدد الأسماء و السياسة واحدة .

مع تحيّات صفوان الطرابلسي 




1 commentaire: