" إذا اردت
السيطرة على الناس ، أخبرهم أنهم معرضون للخطر و حذّرهم من أنّهم تحت التهديد ثم
شكك في وطنيّة معارضيك "
ليس من الغريب أن تنسب هذه القولة لأدولف
هتلر الزعيم النازي و ليس من الغريب أن تسير الدكتاتوريّات البائدة على هذا
المنوال تحت رعاية الإمبرياليّة العالميّة مستغلّة ما توفّره هذه الأخيرة من
امكانيّات هائلة في مجال الدمغجة الجماعيّة و البروبقندا السياسيّة . لتنتشر لنا
الفزّاعات في كل زاوية و على رأسها صورة الإرهابي الإسلامي ذو اللحية الطويلة و
العيون الحقودة ، حاملا سيفه الملطّخ بدماء الأبرياء .
بقيت
هذه الصّورة أكثر كوابيسنا رعبا إلى أن هلّت علينا الثورة بريحها و خرج النّاس إلى
الشوارع واقفين جنبا إلى جنب رغم كل الخلافات . اكتشفنا بمحض الصدفة أن هذا الغول
لا وجود له سوى في خيالاتنا المنوّمة أو هي بالأساس صورة مصطنعة يحركها النظام
كلّما أحس بالخطر حتى يضفي بعض الشرعيّة على
القمع . المهم أنه مع سقوط بن علي تحرر الجميع و على رأسهم الإسلاميون و قد كانت
الفترة الأولى ما قبل الانتخابات فرصة لنعيد اكتشافهم من جديد و نستنتج أنّهم أناس
عاديون ، ليسوا شياطينا كما صورهم النظام و لا هم ملائكة رحمة كما يريد تصويرهم
البعض الآخر . شاركوا في الإنتخابات كباقي القوى طبقا لقواعد اللعبة السياسية
التونسيّة ، بكل ما فيها من قذارة خلّفتها الأزمنة الغابرة. استغلوا هامش الحرّية
، الإمكانيّات المادية المهولة ، ضعف المنظومة القانونيّة و جهل التونسيين "بالتكمبيسات"
السياسيّة ليفوزوا بانتخابات شبه ديمقراطيّة .
الى
هذا الحد كان المنطق سيّد الأحداث و لم يكن فوزهم مفاجأة : تعاطف الناس ، العقد
التي خلفها بن علي من خلال قمعهم و لعبهم على وتر الدين و الهويّة بالإضافة إلى قدرتهم على التأقلم مع لعبة
السياسية القذرة في ضل الدعم المالي الرهيب الذي حضوا به من عديد الدوائر الداخليّة
و الخارجيّة التي راهنت عليهم ، كل هذا
مكنهم من الوصول إلى السلطة بسلاسة و دون منافسة تذكر خصوصا في ضل تشتت المنافسين
من القوى اليساريّة و الديمقراطيّة بصفة عامة .
الآن مرّت أكثر من سنة على هذه الانتخابات
لنجد أنفسنا مصدومين بواقع لم يتغير منه
شيء و للأسف لا نرى بوادر تغيير في الأفق . سياسة الرعب والتخوين لازالت حجر الاساس في سياسة الحكّام الجدد . و
بشكل مبتذل نجد أنفسنا أما نفس الصورة الكلاسيكيّة لخطر الإرهاب الإسلامي و لكن
بعناوين جديدة وهي الخطر السلفي و رابطات حماية الثورة أو رابطات حماية النهضة في
رواية أخرى . سياسة التخوين و التشويه للمنافسين مازالت متواصلة و تستهدف نفس
الوجوه منذ زمن برقيبة و بن علي ، و تلصق إليهم نفس التهم ، إذا لا شيء جديد ليذكر
. نعرج على السياسة التنموية و التنظيم الاقتصادي ، سنجدهم يسيرون على نفس المنوال
بل ويتبجحون بتدشين مشاريع كان قد تم إقرارها و إنجازها منذ العهد البائد أما على
المستوى الإداري و طريقة التعامل مع أجهزة
الدولة فهي نفسها و هذا ما نرصده من خلال
محاولات الهيمنة عليها مع تسجيل بعض الإرتباك نظرا لنقص الخبرة و الحرفيّة . بالتالي
كل أهداف الثورة و كل مشاريع الإصلاح التي كان يطمح لها الشعب ركنت على الرّف تحت
تعلّة صعوبة المرحلة الانتقالية و ابتداع المؤامرات الداخليّة منها و الخارجية حتى
يبقى الحال على ما هو عليه و يتسنى للحكّام الجدد تثبيت أنفسه في الكرسي .
يعني في الخلاصة ما قمنا به لا يتعدّى نزع"
البيكيني" الأوروبي الذي كان يفضح عورة النظام السابق المشوهة و سترها بجلباب افغاني أمركي الصنع و
التصميم، قطري المساهمة و الترويج ، و في النهاية مالم يفعله التجمّع سيفعله غيره
تتعدد الأسماء و السياسة واحدة .
مع تحيّات صفوان الطرابلسي

Bravo
RépondreSupprimer