vendredi 27 septembre 2013

مهدي الغانمي : النضال من أجل "حق العوودة"

بدأت القصّة حينما قرر مهدي الغانمي العودة للدراسة بعد انقطاع دام لمدّة أربع سنوات. كان سابقا طالبا بالمعهد العالي لفنون الملتيميديا بجامعة منّوبة، شعبة السينما، انضم لها خلال السنة الدراسيّة 2007/2008 و إنقطع عنها سنة 2008/2009. إنقطاعه لم يكن أمرا اختياريا بل ضرورة، سياق منطقي لحالته الماديّة المتواضعة. مهدي الغانمي أصيل منطقة راس الجبل بولاية بنزرت، ينحدر من عائلة بسيطة و حي شعبي متواضع. فتى موهوب، شاعر واعد، مقاوم صلب، نزل إلى العاصمة بآمال كبيرة، حلم الشعر و الثورة و الحرّية، لكن الوضع المادي المتدهور اضطره إلى مغادرة قاعات الدراسة و العمل في حضائر البناء و ذلك لأنه حسب تعبيره أحد الطلبة التعساء " الذين وفرت لهم الدولة مبيتات أشبه بالسجون ومعتقلات التعذيب، الطلبة أنفسُهم الذين لا يتمتعون بمجانية النقل و لا مجانية الدخول للمتاحف و التظاهرات الفنية، الطلبة الذين ينزحون من الدواخل ليتشرّدوا في المدن الكبرى لأن المنحة الجامعية لا تغطي حتى مصاريف أكل كلب محترم من كلاب الأحياء الراقية."
هكذا تشرّد مهدي في شوارع العاصمة، و قد حالفني الحظ أن أسمع عنه و أن ألتقي به و أتعلّم منه الكثير. كان حاضرا في أكبر المحافل النضالية قبل الثورة و بعدها. رجل صلب و مقاوم، و اظنّه السبب الحقيقي لرفض الوزارة اليوم إعادة ترسيمه، لأن مهدي و إن كان قد غادر مقاعد الدراسة إلّا أنه حافظ على انتمائه للجامعة طيلة هذه الفترة و كان دائم الاحتكاك بالواقع الطلّابي و الثقافي في البلاد. 
و لمن لا يعرف مهدي، هو شاعر موهوب، كتاباته مخضّبة بالمولوتوف و قضائده سريعة الإشتعال، هو أكبر من يحفظ للماغوط و النّواب و أفضل من يلقى قصائد درويش. هو أحسن من يسرد وقائع التاريخ، يحمل في جمجمته الصّغيرة آلاف الحكايات. كثيرا ما كان يجلس ليحدّثنا عن الصراعات التاريخيّة الكبرى التي حددت ملامح البشريّة و كأنه يتحدّث عن "عركة في الحومة"، بكل بساطة و فكاهة يسردها كما يسرد على مسامعنا مغامراته في حضائر البناء في ملاحة رادس و باردو و السّيجومي و مع أولاد الحومة في راس الجبل. هذا الصنف من البشر سيكون عنصرا خطيرا داخل الجامعة و ذلك وجب حرمانه من العودة إلى حرمها خصوصا في هذه المدّة الحرجة التي تتخبّط فيها الحكومة في أزمات سياسيّة و إجتماعيّة يلعب الطلبة دورا فاعلا في مجرياتها. 
و لكي لا نطيل، هذا العام أراد مهدي العودة إلى الجامعة و استكمال مسار دراسته لكن الوزارة رفضت بموجب منشور أصدره الوزير يمنع فيه "الترسيم الرّابع". ليتيقن الجميع أن التعليم المجاني و التعليم مدى الحياة، مجرّد شعارات جوفاء تندثر ما إن ترتطم بالواقع المرير. لكن الشاب مهدي لم يستسلم و قرر المقاومة و قد بدأ بأول خطوة و هي الرّسالة الشّهيرة التي أرسلها للوزير يدعوه فيها  بأن يبتعد عن شمسه و أن يطلق حريته و أن لا يضطرّه في المستقبل للكتابة بالدّم بدل الحبر و ها نحن نرفق هذا المقال بنسخة من الرّسالة كانت قد نشرت على الصفحة سابقا.  ننصح الجميع بالإطلاع عليها لأنها تمثل نصا أدبيا رائعا و درسا في المقاوة و الصمود. مهدي الغانمي لن يستسلم حتّى و لو اضطر إلى الكتابة بدمائه على أرصفة هذا الوطن. اليوم يحرمون مهدي من حقه في الدراسة بتعلّة واهية و غدا سيحرمون شعبا بكامله. لذلك نطلب من الجميع مساندة مهدي الغانمي و باقي زملاءة المحرومين من "حق العودة"، يوم الإثنين 30 سبتمبر موعد إنطلاق إعتصام الطلبة من أجل الترسيم الرابع داخل مقر وزارة التعليم العالي و البحث العليمي و التكنلوجي  و ذالك على السّاعة التاسعة صباحا.


صفوان الطرابلسي

نص رسالة مهدي الغانمي إلى وزير التعليم العالي
http://anarchistboy01.blogspot.com/2013/09/blog-post_26.html?spref=fb

30 سبتمبر 2013 إنطلاق إعتصام الطلبة من أجل الترسيم الرّابع 
https://www.facebook.com/events/1421093728113327/?ref=22

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire