لا أريد أن أكون رقما في حسابكم و لا عاشقا في سرابكم و لا
جنديّ صفّ في معارككم الهامشيّة . أريد فقط أن أحظى بشرف المحاولة لمرّة واحدة
فأنصاف الأحلام كوابيس غير معلنة . لا أريد المناورة من أجل بقايا أحلامكم المجهدة
، لا أريد المغفرة منّة تأتي من السّلطان ، لا أريد صكّ الغفران ثمنا لكتمان الألم
. أريد حلما كاملا ، بسيطا ، كابتسامة محارب بقي وحيدا بعد المجزرة ، رقصة مجنون
بأرض المعركة ، جناح طائر مكسور ينتظر الشّفاء ، دينا على أمل الوفاء ، وردة حمراء
تنمو ببهو المقبرة ، دمعة لاجئ يستعد للعودة و يطلب من أرضه المغفرة . أريد حلما
حقيقيّا أو هو الحقيقة في ذاتها لا أوهام صفاتها ، أريد كل شيء و لا أريد شيئا ،
كتابا و قلما ،حلما ، أرضا للفلاح ، يوم راحة لعمّال المناجم ، جنديا يحمل نايا
بدل السلاح ، موسيقى تأجج الذكريات ، فسحة من النكات ، بيتا يؤوي الرّجل الغريب ،
قبلة من ثغر الحبيب و قهوة ساخنة في الصّباح ، ساعي بريد دون رقيب و سلّم يرفعني
للسماء فأخاطب الله و أشكره . أنا لا أريد أن أصون الماضي مثلكم ، لا أريد أطلالا
أنوح على فراق حبيبها و أبني معبدا من الرّمل يعلّم فيه البكاء . من منكم يريد
البكاء ؟ للدمع طعم آخر حين يمتزج بسمّ الحقد . من منكم يعرف كيف يموت الوجد في
ليل ربيع صوفي ؟ من منكم يعرف رسم الحد و روح الخط الكوفيّ ؟ في مثل هذه الساعات
من غفوات الليل المسروقة ، حين يموت الحب بداء القلب ، اشعر أنني مبتذل و حزين .
كل بذاءة هذا العالم لا تسكت غيضي ، كل جنون الدنيا لا يحرّك شوقي للرقص . نخاف
الموت ، لأننا لم نملك يوما القدرة على الحياة ، نبحث عن بقايا البشري فينا ، عن
نبي ضاع قبل تلقّي الرّسالة ، نخوض حروبا ليست حروبنا و نتفرّغ بعد الهزيمة للبكاء . لا تنتظر هبة السماء ، الله ليس قدّيسا يهب العطايا و
ليس شيخا غالبه العمر يشتري آخرته بالصّدقات و الرّياء ، الله جوهر المحاربين و من
صانوا الكبرياء .
من منكم يريد البكاء ؟ لتجلس على طاولتي ، سأسقيك خمرا صنع من أشلاء البشر المعذّبين ، من دماء الشهداء و دموع الأطفال الأبرياء ، ستشمّ رائحة الفقر و الجوع المهين ، ستشمّ رائحة الشواء البشريّ الصّاعدة من الشارع الكبير و ترى الحمــــــــــــير جالسين على العروش . احتسي كأسك في صمت و لا تنظر لانعكاس وجهك في النبيذ ، ستبصر رغما عنك وجه ابنتك المغتصبة ، دمها الطّاهر و هو يسيل بين فخذيها ، ستتخيّل صرخات بكارتها و تفاصيل اللّذة الكريهة مرسومة على ملامح مغتصبها . لتجلس على طاولتي و لتذرف في لحظات سكرك ما أمكن من دموع ، أمّا أنا فسأكتفي بالحقد ، إنه طعم الحب حين يمتزج بالألم ، لحظة انفتاح الكلم ، حين يخط القلم توقيعي على قصيد يحترق ، حين يضيع الحلم و شهاب الليل يخترق كبد السماء ، عصر المعجزات ولّا و انتهى ، سأبحث عن نفسي داخل نفسي ، و لتنتظر أنت قيام المسيح بمفردك ، لن تبصر عورة الملك ، ما دمت ترفض أن تحترق و تصنع من جسدك شمعة تنير الطريق ، ستبقى نبيّا مزيّفا ، نبيّا تائها بلا رسالة ، ما دمت تخاف الحريق . أنت النبي المنتظر ، عقلك قبسك و زندك هو الصّديق الوحيد ، أترك مناحات الحريم و الوعيد و لتستعد للقتال . تمرّ سهام الغدر ، قدّم لها صدرك وابتسم ، سيغازلك الموت في كل ركن ، ابتسم ، طالع عدوّك دون خوف ، لن يرهبك صوت الرّصاص ، ما عدت تخسر شيء ، سر في طريقك ، لا تهتم ، افتح ذراعك للهوى و اعشق كل نساء الدنيا كما تعشق الأرض و النوى ، أطلق عنانك للجنون ، واجه عدّوك و انتقم ، أكتب وصاياك الأخيرة و ازرع في الأرض الذّخيرة و اسقيها كل ليلة بالدّم ، يا حاملا حلم العدالة فوق ظهرك لا تنم ، ضمّد جراحك بالتراب و استقم ، أحشو سلاحك بالرّصاص أرسل عدوّك للعدم . تحارب في الظلمة بمفردك و لا تعرف من يواجهك ، اختر عدوا يليق بك ، أقتل العدو في داخلك فالقضيّة لن تنتصر بموت الجلاد و إنما حين يتوقف المضطهدون عن لعب دور الضّحيّة ، حين يتوقفون عن الموت دون أسباب منطقيّة ، حين يمتصّون الحقد و الغضب الأبدي و يحولونه إلى وعي يجتاح الشوارع الخلفيّة للمدن العريقة و الأقبية السّحيقة . و لكي يتحقق الحلم ، على هذا الوطن أن ينجب في كل يوم نبيّا و يهديه عند انتصاف الليل قربانا للبشريّة ، يا أنبياء هذه الأرض المتعبة ، أفيقوا ، كونوا فرسانا محاربين ، لتنزعوا رداء الحكمة المبجّلة و الفضيلة المؤجّلة ، استنزفوا ما تبقى من حقد على هذه الأرض فالحب ليس سوى انتفاء الحقد الدّفين ، لتغلقوا المعابد و المساجد و اقيموا الصلاة في قلب المعارك ، إن الله لا يحب الخاملين ، وجهّوا رصاصكم للمارد المتنكّر بينكم ، للنّبي الخائن في صفوف المرسلين ، الجلاد ليس عدّوكم و هذه ليست حربكم ، فلتبحثوا عن حربكم ، و علّموا الإنسان كيف ينكر دور الضّحيّة ، علموا الإنسان كيف يكون عند انتصاف اليل نبيّا. أما ملوك اللّواط و مشائخ البلاط و جلادوهم الذين يحملون في وجوهنا السياط فلا يستحقون من مسدساتكم رصاصة ، سيندثرون كالحشرات حين يعجزون عن التأقلم في صلب العالم الجديد فهذه الأرض لا تعشق سوى الفرسان .
من منكم يريد البكاء ؟ لتجلس على طاولتي ، سأسقيك خمرا صنع من أشلاء البشر المعذّبين ، من دماء الشهداء و دموع الأطفال الأبرياء ، ستشمّ رائحة الفقر و الجوع المهين ، ستشمّ رائحة الشواء البشريّ الصّاعدة من الشارع الكبير و ترى الحمــــــــــــير جالسين على العروش . احتسي كأسك في صمت و لا تنظر لانعكاس وجهك في النبيذ ، ستبصر رغما عنك وجه ابنتك المغتصبة ، دمها الطّاهر و هو يسيل بين فخذيها ، ستتخيّل صرخات بكارتها و تفاصيل اللّذة الكريهة مرسومة على ملامح مغتصبها . لتجلس على طاولتي و لتذرف في لحظات سكرك ما أمكن من دموع ، أمّا أنا فسأكتفي بالحقد ، إنه طعم الحب حين يمتزج بالألم ، لحظة انفتاح الكلم ، حين يخط القلم توقيعي على قصيد يحترق ، حين يضيع الحلم و شهاب الليل يخترق كبد السماء ، عصر المعجزات ولّا و انتهى ، سأبحث عن نفسي داخل نفسي ، و لتنتظر أنت قيام المسيح بمفردك ، لن تبصر عورة الملك ، ما دمت ترفض أن تحترق و تصنع من جسدك شمعة تنير الطريق ، ستبقى نبيّا مزيّفا ، نبيّا تائها بلا رسالة ، ما دمت تخاف الحريق . أنت النبي المنتظر ، عقلك قبسك و زندك هو الصّديق الوحيد ، أترك مناحات الحريم و الوعيد و لتستعد للقتال . تمرّ سهام الغدر ، قدّم لها صدرك وابتسم ، سيغازلك الموت في كل ركن ، ابتسم ، طالع عدوّك دون خوف ، لن يرهبك صوت الرّصاص ، ما عدت تخسر شيء ، سر في طريقك ، لا تهتم ، افتح ذراعك للهوى و اعشق كل نساء الدنيا كما تعشق الأرض و النوى ، أطلق عنانك للجنون ، واجه عدّوك و انتقم ، أكتب وصاياك الأخيرة و ازرع في الأرض الذّخيرة و اسقيها كل ليلة بالدّم ، يا حاملا حلم العدالة فوق ظهرك لا تنم ، ضمّد جراحك بالتراب و استقم ، أحشو سلاحك بالرّصاص أرسل عدوّك للعدم . تحارب في الظلمة بمفردك و لا تعرف من يواجهك ، اختر عدوا يليق بك ، أقتل العدو في داخلك فالقضيّة لن تنتصر بموت الجلاد و إنما حين يتوقف المضطهدون عن لعب دور الضّحيّة ، حين يتوقفون عن الموت دون أسباب منطقيّة ، حين يمتصّون الحقد و الغضب الأبدي و يحولونه إلى وعي يجتاح الشوارع الخلفيّة للمدن العريقة و الأقبية السّحيقة . و لكي يتحقق الحلم ، على هذا الوطن أن ينجب في كل يوم نبيّا و يهديه عند انتصاف الليل قربانا للبشريّة ، يا أنبياء هذه الأرض المتعبة ، أفيقوا ، كونوا فرسانا محاربين ، لتنزعوا رداء الحكمة المبجّلة و الفضيلة المؤجّلة ، استنزفوا ما تبقى من حقد على هذه الأرض فالحب ليس سوى انتفاء الحقد الدّفين ، لتغلقوا المعابد و المساجد و اقيموا الصلاة في قلب المعارك ، إن الله لا يحب الخاملين ، وجهّوا رصاصكم للمارد المتنكّر بينكم ، للنّبي الخائن في صفوف المرسلين ، الجلاد ليس عدّوكم و هذه ليست حربكم ، فلتبحثوا عن حربكم ، و علّموا الإنسان كيف ينكر دور الضّحيّة ، علموا الإنسان كيف يكون عند انتصاف اليل نبيّا. أما ملوك اللّواط و مشائخ البلاط و جلادوهم الذين يحملون في وجوهنا السياط فلا يستحقون من مسدساتكم رصاصة ، سيندثرون كالحشرات حين يعجزون عن التأقلم في صلب العالم الجديد فهذه الأرض لا تعشق سوى الفرسان .
صفوان الطرابلسي
نشر بجريدة ضد السلطة
05/04/2013
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire