تكون النهاية حين يسقط القناع و
تكشف وجوه المدّعين عن قبحها. قبل انتحارها ، تأكل الثورة أولادها خوفا و حماية
لهم من عار الهزيمة. لن يتحمّلوا بذاءة المشهد الأخير و سيرحلون قبل نزول السّتار.
سينسى الشهداء ، يضيع الثأر و يتوقف الأهل عن البكاء. يهان الجرحى و تنظّف الأرصفة
من بقايا دمائهم الطّاهرة. كأن شيئا لم يكن ، يعود الشعب الى السبات ، و يعود
المارد المجنون ليلبس تاج القيصر و يصفّي الحساب القديم. لقد حان موعد الإنتقام ،
لا يتطلب الأمر حكمة أو معجزة لتبصر الحقيقة. فقط حاول أن تعرّج على بهو المحكمة ،
و اسأل عن الشّاب المكبّل بالأصفاد ، اسأل عن صابر و ربّما لن يحتاج الأمر الى
السّؤال ستعرفه دون حاجة الى دليل ، ربّما لأنه يشبهني و يشبهك ، ابن هذا الشعب
الصّابر المكابر ، زائر عابر لهذه الدّنيا اللّعينة ، سيء الحظ كسائر القاطنين في
الأحياء الحزينة. نظرته الحالمة لم تفارق عينيه رغم مرور أكثر من عام و نصف في
غياهب السّجون ، رغم الحزن و القهر و الحقد لازال يبتسم حين يرى صمود أخته ، حين
تحدّثه عن مساعي أصدقائه أولاد الكبّارية و كل أحرار الوطن في الأحياء الشّعبيّة.
وحدها دمعة أمه تكبّله ، زفرة والده المكتومة تأرق قلبه العليل ، يرتفع صوت نبضاته
، ينفجر في وجوه الحاضرين ، يخترق الصّمت الثّقيل و يحاول تحريك شعب أصم علّه يكشف
عورة الحاكم العميل. يقف أمام غريمه شامخا ، يطالع القاضي بعين ثابتة و رأس مرفوع
، ملف القضيّة ورقة و التهمة ثورة أو "ما يسمّا بالثّورة"هكذا يحلو لهم أن يذكروها في محاضرهم المزوّرة. تهمته
وشم على جبين كل إنسان حر و من يخرج عن دائرة الإتهام ليس سوى خائن متستر بالعلم
الأحمر. ستشعر بالعجز ، تحتقر نفسك امام هذه الهامة الصّامدة ، ستبكي حرقة ، ترفع
عينيك للثائر المسجون تحييه في خجل ، تلعن النّظام و القانون ثم تغادر على عجل
تاركا للحاضرين اتمام المشهد الأخير. تسير على الرّصيف في انحناء ، تسمع نواح
الطّراقات ، صرخات الشوارع و السّاحات ، الأرض تنادي و لا من مجيب ، تسير وحيدا
مهووسا بهذه الأصوات ، لا يسمعها غيرك ، صابر المرايحي ليس صاحب قناة تلفزيّة ،
ليس سياسيّا مخضرما باع ذمّته للدّوائر الإنتهازيّة أو ثائرا مثقوبا من ثوّار
المنابر ، لذلك لن يلتفت لقضيّته الإعلاميّون و لا صائدو الفضائح المهووسون ،
قضيّته تتجاوز الحدود التي رسمها لهم النّظام ، قضيّة حرّم فيها الكلام ، انها
قضيّة وطن ، قضيّة ثورة ، قضيّة شعب يزنا فيه كل ليلة و لازال ينتظر نزول المسيح
لينقذه.
تنويه : تمّ أخيرا تعيين جلسة في القضية المرفوعة ضدّ "صابر المرايحي" من طرف أحد أعوان البوليس. وقد حدّدت المحكمة الإبتدائية بتونس 1 تاريخ 19 أفريل القادم للنظر في القضية. وللتذكير فإنّ التّهم الموجهة إلى "صابر المرايحي" تتمثّل في القتل العمد وإضرام النار في سيارة بعد أن أسقطت عنه دائرة الإتهام تهمة السرقة في ما وصفته بأحداث العنف والشغب التي تسمّى بأحداث الثورة و الدّليل مقطع فيدو شوهد فيه صابر رفقة مجموعة من الشباب يسبّون البوليس...
تنويه : تمّ أخيرا تعيين جلسة في القضية المرفوعة ضدّ "صابر المرايحي" من طرف أحد أعوان البوليس. وقد حدّدت المحكمة الإبتدائية بتونس 1 تاريخ 19 أفريل القادم للنظر في القضية. وللتذكير فإنّ التّهم الموجهة إلى "صابر المرايحي" تتمثّل في القتل العمد وإضرام النار في سيارة بعد أن أسقطت عنه دائرة الإتهام تهمة السرقة في ما وصفته بأحداث العنف والشغب التي تسمّى بأحداث الثورة و الدّليل مقطع فيدو شوهد فيه صابر رفقة مجموعة من الشباب يسبّون البوليس...
صفوان الطرابلسي
نشر بجريدة ضد السلطة
في 2013/04/18
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire