lundi 8 avril 2013

الرّحيل وقت الأصيل

سكــــــــــــــــــــــوت ، سيبدأ العرض ...
 انه الخراب يا رفاقي ، أعدّوا ما استطعتم من الأمل لترقصوا على بقايا الحطام و تجنّبوا إغراء الكلام ، إني أسمع أصواتا تناديني الى الغياب و لا طريق أمامي سوى اتباعها. لا ترهبنّكم قتامة الواقع و لا تسعدنّكم صور الأنباء المنمّقة ، فقط ابحثوا عن الحقيقة . لا تنسوا أن تشربوا نخبي إذا غادرتكم  و أن تواسوا حبيبتي ، أرسلوا اليها باقة من الزّهور التي تحبّها و راقصوها في الأصيل كما عوّدتها ، اخلطوا دمعها بغبار رفاتي ، أضيفوا اليها قطرات من دمائكم ، قليلا من النبيذ الأحمر الرّخيص ، اسكبوها قطرة قطرة  على ألسنة المقهورين كي تحرق ، أكتبوا بها وصيّتي على صدوركم  و تعلموا أن ترقصوا في أرض المعركة ، اكتبوا شعركم على ايقاع الرصاص و موسيقاكم لحن البندقيّة و صيحات القصاص ، لا وجود لثورة سلميّة فالتاريخ نتاج للصراع ، تكتبه الأيادي الصّامدة بالدّماء . لذلك حين تريد قراءة التاريخ ، دع جانبا الكتب المدرسيّة و ما في عناوينها من خداع و أساطير بهلوانيّة . ركّز بين السطور و في الهوامش المهملة ، ستمسك طرف الخيط هناك و ستدرك أن الحاضر مجرّد بعد وهمي ، شهاب غير مرئي ، لا يأسس عليه شيء . غدا بداية  يوم جديد و حياة جديدة ، ربما تكون أحسن أو اسوء قليلا ، أعدّوا ما استطعتم من أمل  للمقاومة ، ربّما مازال على هذه الأرض فسحة من الحياة و ماهي الحياة ان لم تكن مقامة أزليّة للرداءة ، و بحثا لا ينتهي عن الحب بعد استنفاذ الحقد داخل الغوغاء ، لذلك ، احفظوا ما أمكن من أغنيات ، فهي زاد للمحارب و اكتبوا مذكّراتكم عن المعارك حتّى و لو كانت خاسرة .
Haut du formulaire
تضيع الأيّام ، سطور نكتبها بأيدينا و لا نحسن قراءتها ، نخوض معركة عابرة ، نجتر أحلاما واهية و نتفرّغ بعد الهزيمة للبكاء ، نشتاق لرائحة الأرض و نمقت طعم المنفى و الجفاء ، نحزم حقائبنا للرّحيل و نظنّه المثوى الأخير ، لكن الطريق طويل و لم يعد في الوطن مكان يقبلني ، في وطني حيث للدمع نهر و للدم نهر و للنفط نهر و ليس فيه للحب نهر ، وطني حيث يموت الأصيل . وطني حيث مات الصبر صبرا ، حيث يبكي الحر قهرا ، حيث يعلو الجوع هرما ، حيث ركّزنا العمائم فوق رؤوس الحمير ، يبني الشعب صرحا للملوك ثم يبيت على الحصير ، وطني حيث للدمع نهر و للدّم نهر و للنفط نهر ، ترى هل لنا فيك قبر ؟ فأنا لا أهوى الرّكوع و العام عام جوع و قيصرنا العظيم يتربّص بجمجمتي ، يريد أن يصنع منها كأسا لنبيذه المقتّر من دماء الأبرياء و أنا لا أهوى الرّياء . وطني متى يكون للحب فيك نهر يغمر جسدي المصلوب على باب المعبد المزيّف ، متى يلقي سيزيف الصخرة عن كاهله و يكتشف أن الآلهة انتحرت تحت قدمي في لحظة يأس منسيّة ، متى يرفع رأسه للسمــــــــــاء ، لقد طال الإنحناء ، وطني ان التاريخ لا يرحم من  يكتفي بالبكاء ، نكتب المراثي على شرف الأصدقاء و نرسو على الأطلال لنحرق ما تبقى من سفن الحروب  و نطمع في السلام و تطهير الذّنوب . نستذكر المجد القريب و ابتسامات الحبيب و خيالات الرفاق حين كانوا يشحذون عزائمنا المجهدة . من هنا مرّوا ، كتبوا وصاياهم على الجدران و انسحبوا ، حملوا حقائب السفر ، أحرقوا دفاتر اليوميّات و الصور ، و استعدّوا للرّحيل الأخير ، و لنا خلفهم نفس المصير .
ما أجمل الموت على أسوارك يا وطني و ما أعذب الدمع حين يداعب شفتي حبيبتي ، قيصرنا العظيم نصب لنا المشانق في السّاحات و أعدمنا أمام نسائنا و سيستعبد أبناءنا عن قريب ، بينما أعناق الرّجال تنحني في تحيّة للغياب و الفجر يعلن عن موت القمر في أدغال السحاب و رفاقنا الحالمون ، ينتظرون في السجون يوم العفو المرتقب ، سيرقصون على أنقاض الخراب الجميل و يشربون نخب وطن عليل ، وطن حيث للدمع نهر و للدّم نهر و للنفط نهر و ليس فيه للحب نهر وطن حيث يموت الأصيل .
                               

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire