" إذا أردت السّيطرة على النّاس فخبّرهم أنّهم معرّضون للخطر
ثم شكك في وطنيّة معارضيك " . ليس من الغريب أن تنسب هذه المقولة للزعيم
النّازي " أدولف هتلر " و ليس من الغريب أيضا أن يتخذها حكّامنا
السّابقون مرجعا لسياساتهم الدكتاتوريّة القمعيّة لكن من العار أن تتواصل هذه
السياسة في وطن شهد ثورة من أجل الديمقراطيّة و العدالة الاجتماعيّة. قد يتغيّر
وجه السلطة لكنّ سياسة الإرهاب الممنهج و التخوين تستمر لتنهك أحلام الشعوب
المضطهدة . نحن اليوم رغم ثورتنا لم نخرج عن السرب أو عن الإطار الذي رسمه لنا
النظام ، مازلنا نتحرّك داخل فلكه و نمتثل لخططه دون وعي ، مازال يلاعب غرائزنا و
يوجّهنا كالدمى . فلنسأل أنفسنا ما الذي تغيّر ؟ لا شيء ، مازالت وصايا هتلر هي
المرجع ، مازلنا نتلذذ بدور الضحيّة و نستقبل تجريحهم و تخوينهم و تكفيرهم برحابة
صدر ، نعتبرها ختما يثبت رجولتنا و نضالنا ، لكنّهم لن يقفوا عند هذا ، هاهم
يمرّون لتنفيذ باقي الوصّيّة لذلك فلتسكتوا و لتسيغوا السمع و الأبصار، لقد بدأ
العرض يا رفاقي . انه الخراب، أعدّوا ما استطعتم من الأمل لترقصوا على بقايا
الحطام و تجنّبوا إغراء الكلام ، إني أسمع أصواتا تناديني الى الغياب و لا طريق
أمامي سوى اتباعها. لا ترهبنّكم قتامة الواقع و لا تسعدنّكم صور الأنباء المنمّقة
، فقط ابحثوا عن الحقيقة . لا تنسوا أن تشربوا نخبي إذا غادرتكم و أن تواسوا
حبيبتي ، أرسلوا اليها باقة من الزّهور التي تحبّها و راقصوها في الأصيل كما
عوّدتها ، اخلطوا دمعها بغبار رفاتي ، أضيفوا اليها قطرات من دمائكم ، قليلا من
النبيذ الأحمر الرّخيص ، اسكبوها قطرة قطرة على ألسنة المقهورين كي تحرق ، أكتبوا
بها وصيّتي على صدوركم و تعلموا أن ترقصوا في أرض المعركة ، اكتبوا شعركم على
ايقاع الرصاص و موسيقاكم لحن البندقيّة و صيحات القصاص ، لا وجود لثورة سلميّة
فالتاريخ نتاج للصراع ، تكتبه الأيادي الصّامدة بالدّماء . لذلك حين تريد قراءة
التاريخ ، دع جانبا الكتب المدرسيّة و ما في عناوينها من خداع و أساطير بهلوانيّة
. ركّز بين السطور و في الهوامش المهملة ، ستمسك طرف الخيط هناك و ستدرك أن الحاضر
مجرّد بعد وهمي ، شهاب غير مرئي ، لا يأسس عليه شيء . غدا بداية يوم جديد و حياة
جديدة ، ربما تكون أحسن أو اسوء قليلا ، أعدّوا ما استطعتم من أمل للمقاومة ،
ربّما مازال على هذه الأرض فسحة من الحياة و ماهي الحياة ان لم تكن مقامة أزليّة
للرداءة ، و بحثا لا ينتهي عن الحب بعد استنفاذ الحقد داخل الغوغاء ، لذلك ،
احفظوا ما أمكن من أغنيات ، فهي زاد للمحارب و اكتبوا مذكّراتكم عن المعارك حتّى و
لو كانت خاسرة .
تضيع الأيّام ، سطور نكتبها بأيدينا و لا نحسن قراءتها ، نخوض معركة عابرة ، نجتر أحلاما واهية و نتفرّغ بعد الهزيمة للبكاء ، نشتاق لرائحة الأرض و نمقت طعم المنفى و الجفاء ، نحزم حقائبنا للرّحيل و نظنّه المثوى الأخير ، لكن الطريق طويل و لم يعد في الوطن مكان يقبلني ، في وطني حيث للدمع نهر و للدم نهر و للنفط نهر و ليس فيه للحب نهر ، وطني حيث يموت الأصيل . وطني حيث مات الصبر صبرا ، حيث يبكي الحر قهرا ، حيث يعلو الجوع هرما ، حيث ركّزنا العمائم فوق رؤوس الحمير ، يبني الشعب صرحا للملوك ثم يبيت على الحصير ، وطني حيث للدمع نهر و للدّم نهر و للنفط نهر ، ترى هل لنا فيك قبر ؟ فأنا لا أهوى الرّكوع و العام عام جوع و قيصرنا العظيم يتربّص بجمجمتي ، يريد أن يصنع منها كأسا لنبيذه المقتّر من دماء الأبرياء و أنا لا أهوى الرّياء . وطني متى يكون للحب فيك نهر يغمر جسدي المصلوب على باب المعبد المزيّف ، متى يلقي سيزيف الصخرة عن كاهله و يكتشف أن الآلهة انتحرت تحت قدمي في لحظة يأس منسيّة ، متى يرفع رأسه للسمــــــــــاء ، لقد طال الإنحناء ، وطني ان التاريخ لا يرحم من يكتفي بالبكاء ، نكتب المراثي على شرف الأصدقاء و نرسو على الأطلال لنحرق ما تبقى من سفن الحروب و نطمع في السلام و تطهير الذّنوب . نستذكر المجد القريب و ابتسامات الحبيب و خيالات الرفاق حين كانوا يشحذون عزائمنا المجهدة . من هنا مرّوا ، كتبوا وصاياهم على الجدران و انسحبوا ، حملوا حقائب السفر ، أحرقوا دفاتر اليوميّات و الصور ، و استعدّوا للرّحيل الأخير ، و لنا خلفهم نفس المصير .
ما أجمل الموت على أسوارك يا وطني و ما أعذب الدمع حين يداعب شفتي حبيبتي ، قيصرنا العظيم نصب لنا المشانق في السّاحات و أعدمنا أمام نسائنا و سيستعبد أبناءنا عن قريب ، بينما أعناق الرّجال تنحني في تحيّة للغياب و الفجر يعلن عن موت القمر في أدغال السحاب ، رفاقنا الحالمون ، ينتظرون في السجون يوم العفو المرتقب ، سيرقصون على أنقاض الخراب الجميل و يشربون نخب وطن عليل ، وطن حيث للدمع نهر و للدّم نهر و للنفط نهر و ليس فيه للحب نهر وطن حيث يموت الأصيل .
تضيع الأيّام ، سطور نكتبها بأيدينا و لا نحسن قراءتها ، نخوض معركة عابرة ، نجتر أحلاما واهية و نتفرّغ بعد الهزيمة للبكاء ، نشتاق لرائحة الأرض و نمقت طعم المنفى و الجفاء ، نحزم حقائبنا للرّحيل و نظنّه المثوى الأخير ، لكن الطريق طويل و لم يعد في الوطن مكان يقبلني ، في وطني حيث للدمع نهر و للدم نهر و للنفط نهر و ليس فيه للحب نهر ، وطني حيث يموت الأصيل . وطني حيث مات الصبر صبرا ، حيث يبكي الحر قهرا ، حيث يعلو الجوع هرما ، حيث ركّزنا العمائم فوق رؤوس الحمير ، يبني الشعب صرحا للملوك ثم يبيت على الحصير ، وطني حيث للدمع نهر و للدّم نهر و للنفط نهر ، ترى هل لنا فيك قبر ؟ فأنا لا أهوى الرّكوع و العام عام جوع و قيصرنا العظيم يتربّص بجمجمتي ، يريد أن يصنع منها كأسا لنبيذه المقتّر من دماء الأبرياء و أنا لا أهوى الرّياء . وطني متى يكون للحب فيك نهر يغمر جسدي المصلوب على باب المعبد المزيّف ، متى يلقي سيزيف الصخرة عن كاهله و يكتشف أن الآلهة انتحرت تحت قدمي في لحظة يأس منسيّة ، متى يرفع رأسه للسمــــــــــاء ، لقد طال الإنحناء ، وطني ان التاريخ لا يرحم من يكتفي بالبكاء ، نكتب المراثي على شرف الأصدقاء و نرسو على الأطلال لنحرق ما تبقى من سفن الحروب و نطمع في السلام و تطهير الذّنوب . نستذكر المجد القريب و ابتسامات الحبيب و خيالات الرفاق حين كانوا يشحذون عزائمنا المجهدة . من هنا مرّوا ، كتبوا وصاياهم على الجدران و انسحبوا ، حملوا حقائب السفر ، أحرقوا دفاتر اليوميّات و الصور ، و استعدّوا للرّحيل الأخير ، و لنا خلفهم نفس المصير .
ما أجمل الموت على أسوارك يا وطني و ما أعذب الدمع حين يداعب شفتي حبيبتي ، قيصرنا العظيم نصب لنا المشانق في السّاحات و أعدمنا أمام نسائنا و سيستعبد أبناءنا عن قريب ، بينما أعناق الرّجال تنحني في تحيّة للغياب و الفجر يعلن عن موت القمر في أدغال السحاب ، رفاقنا الحالمون ، ينتظرون في السجون يوم العفو المرتقب ، سيرقصون على أنقاض الخراب الجميل و يشربون نخب وطن عليل ، وطن حيث للدمع نهر و للدّم نهر و للنفط نهر و ليس فيه للحب نهر وطن حيث يموت الأصيل .
صفوان الطرابلسي
نشر بجريدة ضد السلطة
16/05/2013
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire